طالبَ العلم .. Ø£ÙسÙØ Ù„Ù…Ø°Ø§ÙƒØ±ØªÙƒ
http://saaid.net/Doat/mishari/6.htm
بسم الله الرØمن الرØيم
تØتلÙÙ‘ المذاكرة العلمية مرتبةً متأخرةً ÙÙŠ سلم أولويات كثير من طلبة العلم ممن ÙŠØ±Ø§ÙˆØ Ù‚Ø¯Ù…ÙŠÙ‡ بين Øضور الدروس والتلقي عن الأشياخ، وبين الانكÙاء على Ù†Ùسه متØÙÙّظًا لمتنه مستشرØًا لكتابه، وقلَّما تجد للطالب مجلسًا راتبًا يذاكر Ùيه العلم مع أقرانه وأشياخه، يلاØÙŠ Ùيه Ø£Ùذاذ الطلبة مستنطقًا بملاØاته مكنونَ علومهم، راجيًا بها تلقيØÙŽ عقله وعقولهم، وهذا ÙŠÙÙˆÙّت عليه كثيرًا من العوائد الناÙعة التي اØتكرت تقديمها مجالس المذاكرة.
لما أنجزت٠كتابي البÙكرَ (غمرات الأصول) دÙعت٠به إلى جمع٠من الأشياخ والطلبة طمعًا ÙÙŠ نوال ملØوظاتهم، غير أن Ø£Øد الخÙلَّص Ø§Ù‚ØªØ±Ø Ø¹Ù„ÙŠÙŽÙ‘ أن نجلس لنقرأه معًا، ÙرَمَØÙŽ اقتراØÙÙ‡ غايةَ رضاي، ثم هاتÙت٠وراسلت٠بعض الأقران طالبًا منهم مشاركتنا إن اتَّسع وقتهم .. ÙˆÙعلًا .. جمعتْنا مجالس٠لم تتجاوز الخمسة، قرأت Ùيها عليهم كتابي، وقد كنت قرأتÙÙ‡ ÙˆØيدًا مرَّات ومرَّات، غير أن قراءة المذاكرة ÙÙŠ تلك المجالس كانت استئناÙًا للمزيد من التØريرات، ونÙخًا Ù„Ø±ÙˆØ Ø¬Ù…Ù„Ø©Ù Ù…Ù† الأÙكار، Ùالمذاكرة دÙعت الكتاب من عين المؤل٠الØانية إلى مشرØØ© الـمÙذاكÙرÙين الصارمة، تجتالني الØمية لكتابي تارةً، وأتطامن لانتقادات الـمÙذاكرÙين تارات، هذا يعترض على تقرير مسألة، وذاك يطعن ÙÙŠ صياغة Ùكرة، والثالث يطالب Ø¨Ø¥ÙŠØ¶Ø§Ø ØºØ±ÙŠØ¨ØŒ والرابع ÙŠØ±Ø¬Ø Øذ٠مقطع، والخامس ÙŠÙ‚ØªØ±Ø Ø¥Ø¶Ø§ÙØ© مبØØ«ØŒ وأنا أكدÙÙ‘ ذهني وأستØØ«ÙÙ‘ رأيي وأÙعمÙل٠قلمي مصوÙّبًا، شارØًا، ØاذÙًا، مضيÙًا … إضاÙةً Ù„Ùوائدَ تطوَّعت بالقدوم دون استثارة مباشرة، مع ثغرات٠تكشَّÙتْ Øالَ Ø´Ø±Ø Ø¨Ø¹Ø¶ الأÙكار المنثورة .. وكان من ضمن الجمع كاتبٌ كان قد زجَّ بمؤلَّÙÙ Øديث٠له إلى المطبعة، وقد تمنَّى مع ختم هذه المجالس أنْ لو صنع بكتابه مثل ما صنعت٠لÙـمَا رأى من عوائد المذاكرة ÙˆÙوائدها.
*****
سعيد بن عبدالعزيز من أعلام القرن الثاني (167هـ)ØŒ وكان من العلم والعمل بمكان٠عليÙÙ‘ØŒ ويكÙÙŠ من ترجمته أنه ÙŠÙقاس٠ÙÙŠ الÙضل بالإمام الأوزاعي (157هـ) مع أنه معدودٌ من تلامذته المتلقÙّين عنه، بل كان أبو مسهر (218هـ) وهو ممن تلقَّى عن سعيد٠يقدÙّمÙه٠على الأوزاعي، والأوزاعيÙÙ‘ Ù†ÙسÙÙ‡ كان إذا سÙئل عن مسألة وسعيدٌ Øاضرٌ يقول: سلوا أبا Ù…Øمَّد.
وقد كان للأوزاعي مذهبٌ Ùقهي متبوع، انتØله أهل الشام Øتى المئة الرابعة، بل كان أهل المغرب يتمذهبون بÙقهه قبل أن يدخل إليهم مذهب مالك رضي الله عن الجميع[1] .. ثم اندثر مذهبه، ÙˆÙÙŽÙ†Ùيَت معالمه، وكان لذلك أسباب عدة ليس هذا Ù…ØÙ„ÙŽÙ‘ بسطها، لكنَّ ÙÙŠ أطمار تاريخ أبي زرعة الدمشقي خبرًا عزيزًا عن سعيد بن عبدالعزيز يكش٠جانبًا من جوانب هذا الÙناء، وذلك أنَّ أبا مسهر Øدَّث أن سعيد بن عبدالعزيز قام معاتبًا أصØاب الأوزاعي قائلًا لهم ÙÙŠ زÙرة مخنوقة: (ما لكم لا تجتمعون؟! ما لكم لا تتذاكرون؟!)[2].
كنت٠قبل زمن أجمع مادَّةً لكتابة هذه الورقة (طالب العلم .. والمذاكرة) .. أنشأت ملاØظة جواليَّة مستقلة على عادتي ÙÙŠ كتابة أيَّة٠مادَّة٠أهيÙّئها للنشر، وكلَّما وقÙت٠على نقل٠أو سيق إليَّ نصٌّ، وكلَّما Ø³Ù†Ø Ù„ÙŠ خاطرٌ = قيَّدتÙه، غيرَ أنَّ لهذا الخبر امتيازًا أنبت الÙرØØ© ÙÙŠ قلبي.
سعيدٌ يتكلم عن مذاكرة العلم، لكن ÙÙŠ سياق المعاتبة، وكأنه استقلَّ جهد طلاب الأوزاعي ÙÙŠ Øمل علمه وتدوينه وتØريره .. نعم، ظلَّ للأوزاعي مذهبٌ زمنًا، لكنَّ دعائمَ البقاء لم تكن كاÙية ÙÙŠ استشرا٠سعيد، وجاء السياق الزمني شاهدًا لصدقه، Ùانظر أي أثر لمذاكرة٠الطلبة علمَ العالم ÙÙŠ بقائه واستقراره.
ما لكم لا تجتمعون؟! ما لكم لا تتذاكرون؟!
هل كان سعيدٌ يقصد من هذه المعاتبة أن يدل الطلبة على تقصيرهم ÙÙŠ العناية بعلم شيخهم، أو أنه لاØظ Ùتور Ø§Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø¹Ù„Ù…ÙŠØ© المشتركة ÙÙŠ ميدان الأوزاعي بصر٠النظر عن جمع علمه وتØريره، أو أنه رأى ÙÙŠ غياب المذاكرة وعاءً Øاويًا لهذا الÙتور وذاك التقصير؟
أيًّا ما كان السبب، Ùغياب المذاكرة ÙÙŠ الميدان العلمي نذير خمول وبادرة Ùتور لها آثار ذميمة تستØÙ‚ المعالجة، ولذلك قام سعيد يستنهض طلاب الأوزاعي لتدارك الأمر.
صاØب التاريخ الذي Øمل إلينا خبر سعيد هو الإمام عبدالرØمن بن عمرو النَّصْري، شيخ٠الشباب، أبو زرعة الدمشقي (281Ù‡)ØŒ وهو من كبار أعلام الشام، وكثيرًا ما يلتبس بأبي زرعة الرازي (264هـ)ØŒ وهذا الالتباس من ØµØ§Ù„Ø Ù‡Ø°Ù‡ الورقة، ÙالØديث عنه معبَرَةٌ لطيÙØ©ÙŒ لخبر٠يتعلق بأبي زرعة الرازي.
هذان الإمامان – الدمشقي والرازي – من الأقران، وقد تلقَّى كل واØد منهما عن الآخر، وإن كان الدمشقيÙÙ‘ أسنَّ من الرازي، Ùقد ÙˆÙÙ„Ùد قبله، وتوÙÙŠ بعده بسبعَ عشرةَ سنةً، والØظوة بالكنية Øالَ تجرÙّدها من النسبة Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø±Ø§Ø²ÙŠØŒ وذلك Ù„Ùرط إمامته واتÙّساع عطائه، مع كون الدمشقيÙÙ‘ أسبقَ ÙÙŠ التكنية بها، بل إنه سبب تكنية الرازي بها!
وذلك أن المراوزةَ أهلَ الريÙÙ‘ لما قدموا دمشق التقوا بأبي زرعة الدمشقي، وأعجبهم علمÙه، Ùلمَّا عادوا إلى الريÙÙ‘ كنوا صاØبهم الرازيَّ بها[3]ØŒ وقد علم بذلك أبو زرعة الدمشقيÙÙ‘ØŒ وعن ذلك يقول: (قدم علينا جماعة من أهل الري دمشق قديمًا، منهم أبو ÙŠØيى Ùرخويه، Ùلما انصرÙوا – Ùيما أخبرني غير واØد، منهم أبو Øاتم الرازي – رأوا هذا الÙتى قد كاس[4] – يعني أبا زرعة الرازي – Ùقالوا له: نكنيك بكنية أبي زرعة الدمشقي .. ثم لقيني أبو زرعة الرازي بدمشق، وكان يذكرني هذا الØديث، ويقول: بكنيتك اكتنيت)[5].
الرازيÙÙ‘ كالدمشقي ممن تلقى العلم عن إمام الدنيا Ø£Øمد بن Øنبل (241هـ)ØŒ وقد روى عنه الدمشقيÙÙ‘ كثيرًا ÙÙŠ تاريخه، غير أنَّ للرازي مزيدَ اختصاص بالإمام، Øتى إن الإمام Ø£Øمد كان ÙŠØÙÙ„ بمجالسه معه، وهنا Øَجَر٠الزاوية، Ùقد روى ابن عساكر ÙÙŠ تاريخ دمشق أن أبا ØÙص عمر بن Ù…Øمد بن رجاء قال: سمعت عبد الله بن Ø£Øمد بن Øنبل يقول: لما قدم أبو زرعة – يعني الرازيَّ – نزل عند أبي، Ùكان كثير المذاكرة له، Ùسمعت أبي يومًا يقول: (ما صليت٠غير الÙرض .. استأثرت٠بمذاكرة أبي زرعة على نواÙلي)[6].
Ùانظرْ أيَّ مقام٠للمذاكرة ÙÙŠ خارطة اهتمامات الإمام Ø£Øمد.
وقبلَه Ù…Øمد بن الØسن الشيباني (189هـ)ØŒ صاØب٠أبي ØنيÙØ©ØŒ Ùقيه٠العراق ÙˆÙخر٠أهل الكوÙØ©ØŒ مالئ٠عين وقلب الشاÙعي (204هـ)ØŒ Ùقد ذكر الربيع بن سليمان أن رجلًا سأل الشاÙعيَّ مسألةً Ùأجابه، Ùقال له الرجل: يا أبا عبدالله، خالÙÙƒ الÙقهاء. Ùقال الشاÙعي: (وهل رأيتَ Ùقيهًا قط؟! إلا أن تكون رأيتَ Ù…Øمد بن الØسن، Ùإنه كان يملأ العين والقلب، وما رأيت مبدنًا قط أذكى من Ù…Øمد بن الØسن)[7].
تلمذ له الشاÙعيÙÙ‘ وتخرَّج به Øتى قال: (أمنÙÙ‘ الناس عليَّ ÙÙŠ الÙقه Ù…Øمد بن الØسن)[8] .. وبقدر إعجاب التلميذ بشيخه كان الشيخ معجبًا بتلميذه، Ùقد كان Ù…Øمد بن الØسن ØÙيًّا بالشاÙعي، يعر٠له قدرَه وسموَّ عقله، Øريصًا على مجالسته ومذاكرته، ولو أدَّاه ذلك إلى تÙويت عزائمه وتأجيل روابطه، ومن ذلك ما قصَّه أبو Øسان الزيادي، Ùقد قال: (ما رأيت٠مØمد بن الØسن يعظÙّم٠أØدًا من أهل الÙقه إعظامَه للشاÙعي، ولقد جاءه يومًا Ùلقيه وقد ركب Ù…Øمد بن الØسن، Ùرجع Ù…Øمد إلى منزله، وخلا به يومه إلى الليل، ولم يأذن لأØد عليه)[9].
كذلك يزن الرجال أشباههم، Ùلم ÙŠÙÙˆÙّت Ù…Øمد بن الØسن Ùرصة مذاكرة الشاÙعي، Ùخلا به ولم يأذن لأØد بالدخول عليه.
هذه ثلاثة أخبار تتعلق بمقام المذاكرة العلمية: معاتبة٠سعيد بن عبدالعزيز طلابَ الأوزاعي ÙÙŠ تركهم المذاكرة، واستغناء٠أØمد بن Øنبل بمذاكرة أبي زرعة عن نواÙÙ„ العبادة، وهجر٠مØمد بن الØسن عزمَه إلى Øاجة٠له لما رأى الشاÙعيَّ مقبلًا عليه وخلوÙّه به ليلةً لمذاكرته وضنÙّه بها على غيره .. والأخبار ÙÙŠ مذاكرة أهل العلم وطلابه كثيرة، وما زالت المذاكرة سمتًا للمØصÙّلين من العلماء والطالبين Øتى صارت ختمًا ÙŠÙطبَع ÙÙŠ تراجمهم، Ùلا يكاد ÙŠÙارق طرÙÙÙƒ الأوصا٠المضاÙØ© إلى المذاكرة Øين تطالع سÙيَرهم: (Øسن المذاكرة)ØŒ (Øلو المذاكرة)ØŒ (جميل المذاكرة)ØŒ (جليل المذاكرة)ØŒ (Ù…Ù„ÙŠØ Ø§Ù„Ù…Ø°Ø§ÙƒØ±Ø©)ØŒ (لطي٠المذاكرة)ØŒ (عَذْب المذاكرة)ØŒ (طيÙّب المذاكرة)ØŒ (كثير المذاكرة)ØŒ (واسع المذاكرة)ØŒ (Øاضر المذاكرة)ØŒ (قوي المذاكرة)ØŒ (متين المذاكرة)ØŒ (Ù…Ùيد المذاكرة)ØŒ (ممتع المذاكرة)ØŒ (Øميد المذاكرة)ØŒ (لَسÙÙ† المذاكرة) .. ومن أظرÙها ما جاء ÙÙŠ ترجمة أبي عبدالله ابن زمرك (793هـ) من أنه (شَرÙÙ‡ المذاكرة)[10].
*****
طالبَ العلم .. لتكن المذاكرة٠هجÙّيراك، وشغلَك الشاغلَ متى سنØت لك الÙرصة، Ùبالمذاكرة يتعاظم علمك وتتقد قريØتك، ومهما دقَّت الÙائدة أو جلَّت Ùلا تستكثرْ أن تذاكر بها Ø£Øدًا، واعجبْ Ù„Øال المنذر أبي الØكم الأموي الأندلسي، Ùقد كان كلَّما لقي رجلًا من إخوانه قال له: (هل لك ÙÙŠ مذاكرة باب من النØو؟)ØŒ وما زال يهت٠بكل Ø£Øد بهذه الكلمة Øتى عÙرÙÙÙŽ بها، وصار يلقَّب بـ (المذاكرة)[11]!
طالبَ العلم .. اØÙظ علمَك بالمذاكرة، ÙÙ€ (إنَّما ÙŠÙذهÙب٠العلمَ النسيان٠وترك٠المذاكرة) كما يقول الزهري[12]ØŒ ومن قبل٠قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (تزاوروا وتذاكروا هذا الØديث، Ùإنكم إن لم تÙعلوا يَدرÙسْ علمÙكم)[13] .. وذلك أنَّ ÙÙŠ المذاكرة ذكرَ المعلومة واستثارتَها والإيرادَ عليها والمØاججةَ دونها، ÙˆÙÙŠ تعدÙّد٠طرق التÙاعل مع المعلومة توطيدٌ لأركانها، ÙˆÙÙŠ المذاكرة بثٌّ للمعلومة واستقبالٌ لها، ÙˆÙÙŠ تنوÙّع٠تØرÙّكات المعلومة ترسيخٌ لها .. ومن شواهد Ø£Ùول العلم مع غياب Øاجب المذاكرة ما Øدث لأبي القاسم بهاء الدين القÙطي الشاÙعي (697هـ) Ùقد قال: (أعر٠عشرين علمًا، Ø£ÙنسÙيت٠بعضها لعدم المذاكرة)[14] .. Ùيا Øسرةً على تلك العلوم الآÙلة!
ومن العبارات الذائعة ÙÙŠ الأوساط العلمية (Øياة العلم مذاكرته) ويÙروى Ù†ØÙˆÙها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعلقمة، وابن أبي ليلى، وغيرهم .. ولما تØدث السخاوي (902هـ) عن تلميذه عبدالرØمن بن Ù…Øمد المري المقدسي أثنى عليه وأبان عن أهليَّته، ثم قال: (لم أستكثر جلوس الطلبة بين يديه، وتلقيهم بطيب النÙوس عنه ما تØقق لديه، Ùليتقدم لإÙادة الطالبين وللزيادة من المذاكرة مع المØققين، ÙØياة العلم المذاكرة به)[15].
وقد كان للهالك أبي رَيَّةَ (1390هـ) ولدٌ نابهٌ أسماه مصطÙÙ‰ صادق، على اسم شيخه الراÙعيÙÙ‘ (1356هـ) تيمÙّنًا ومØبَّةً، وقد كان Øريصًا عليه، ØÙيًّا به، يعدÙّه لمقام عليÙÙ‘ ÙÙŠ العلم والمعرÙØ©ØŒ وكان كما يصÙÙ‡ مع Øداثة سنÙّه (نسيج ÙˆØده كمالًا وخلقًا، وذكاءً وعلمًا)ØŒ وكان أبو رية كثير السؤال والاستشارة لشيخه الراÙعي Ùيما يتعلق بابنه مصطÙى، إنْ ÙÙŠ تØديد مقروءاته، أو ÙÙŠ توجيهه لبعض رياضات العلم، ومما جاء ÙÙŠ جوابات الراÙعي قوله:
(دَعْ لمصطÙÙ‰ شأنه، Ùهو بصيرٌ بما ÙŠØتاج إليه، ولكن إن استطاع أن يضمَّ إليه ÙÙŠ الدرس تلميذًا مجتهدًا نشيطًا Ùذلك أنÙعÙØŒ كيلا يعتريه الملل ويجد من يناقشه، Ùإن المناقشة من أنÙع الوسائل ÙÙŠ تثبيت المسائل ÙÙŠ الذهن، وقلَّما ينسى الإنسان مسألةً ناقش Ùيها)[16].
وقد توÙÙŠ مصطÙÙ‰ صادق أبو رية وعمره Ø¥Øدى وعشرين سنة، وتÙطَّر كبد والده لذلك Øتى قال عنه بعد أن أرَّخ لوÙاته بÙجر يوم الخميس أول شهر رمضان سنة 1359هـ: (بأÙول بدره غاب معه كوكب سعادتي ÙÙŠ هذه الØياة)[17].
طالبَ العلم .. ÙÙŠ المذاكرة إيناسٌ يعرÙÙ‡ من جرَّبه، وهي من وسائل تنمية Ù…Øبة العلم ÙÙŠ قلب الطالب، وقد كان أبو العباس عبدالله بن طالب القاضي (275هـ) يجمع ÙÙŠ مجلسه المختلÙين ÙÙŠ الÙقه، ويغري بينهم ليتذاكروا وتظهر الÙائدة، وربَّما أمرهم بذلك، Øتى قيل عنه: (لم يكن شيءٌ Ø£Øبَّ لابن طالب من المذاكرة ÙÙŠ العلم)[18].
ومثله شريكه ÙÙŠ الاسم والكنية، أبو العباس عبدالله بن Ø£Øمد التونسي (352هـ)ØŒ Ùقد جاء ÙÙŠ ترجمته أنه (كان ÙŠÙصÙّل المسائلَ كما ÙŠÙصÙّل الجزار٠الØاذق٠اللØÙ…ÙŽØŒ وكان ÙŠØب المذاكرة ÙÙŠ العلم ويقول: دعونا من السماع ألقوا علينا المسائل .. وربَّما دخل عليه أصØابه وهو Ù…Ùلتاثٌ، Ùإذا أخذوا ÙÙŠ المذاكرة زال الْتÙياثÙه، وظهر نشاطÙÙ‡)[19].
طالبَ العلم .. اتخذ للمذاكرة قرينًا يشاكلك علمًا ÙˆÙهمًا واهتمامًا، قرينًا لا تÙني وقتك معه ÙÙŠ مقدمات ينبغي أن تكون مطويَّةً Øال المذاكرة، Ùإنك إنْ Ùعلت ذلك انقلب عليك ظهر٠مجنÙÙ‘ المذاكرة، وصارت المذاكرة مملةً موØشةً قليلةَ النÙع، وانظر كي٠كان الإمام Ø£Øمد ØÙيًّا بمذاكرته لأبي زرعة، وما ذلك إلا لما بينهما من المشاكلة العلميَّة، Øتى إن أبا زرعة كان Ùيما بعد٠(ÙŠÙشبَّه بأØمد بن Øنبل) كما ذكر ذلك Ù…Øمد بن إسØاق الصاغاني[20].
وليس المراد بالمشاكلة هنا التوازي ÙÙŠ القدر العلمي، بل المراد المواطأة٠ÙÙŠ أصل الملكة والاستعداد مع الدراية بمقدمات العلم ومصادره ومصطلØات أهله.
وكما يذاكر الطالب قرينه، Ùكذلك الأشياخ يذاكرون النابهين من تلاميذهم، ومن الشواهد البديعة ÙÙŠ ذلك ما كان بين الشاطبي (790هـ) وتلميذه أبي جعÙر القصَّار، Ùقد كان الشاطبي يطالع أبا جعÙر ببعض المسائل Øين تصنيÙÙ‡ “المواÙقات”ØŒ ويباØثه Ùيها، وبعد ذلك يضعها ÙÙŠ كتابه[21]ØŒ وما ذلك إلا لعلم الشاطبي بÙضل عطاء المذاكرة، وأثرها ÙÙŠ تØرير المسائل، وإطلاعÙها المذاكÙرَ على ما ÙÙŠ المسألة من مواطن القوة ليستثمرها ومواطن الضع٠ÙيتلاÙاها.
وكان Ù…Ùتي غرناطة، وشيخ علماء الأندلس ÙÙŠ زمانه، أبو إسØاق إبراهيم بن ÙØªÙˆØ (866هـ) مدركًا لأثر مذاكرة تلاميذه، ويعبÙّر عن ذلك بقوله: (لو استغنيت عن المعونة بالوظائ٠لتركتها إلا وظيÙØ© التدريس لما لي Ùيها من الانتÙاع بمذاكرة الطلبة)[22].
طالبَ العلم .. كان زياد بن جارية التميمي إذا خلا بأصØابه استنهضهم وقال: (أخرجوا مخبَّآتكم)[23] .. وأنت، ذاكرْ مع أقرانك Ù…ØÙوظاتÙك، ذاكرْ معهم مقروءاتÙك، بØوثَك ومكتوباتÙÙƒ .. كنْ شرارةَ المذاكرة ÙÙŠ كلÙÙ‘ مجلس، أغْر٠جÙلَساءَك بمسائل العلم، استثر مخبَّآتÙهم وأذقهم Øلاوة المباØثة .. ذاكرْ ما علمتَ لتطَّلع على ما لا تعلم، وخذْها من أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (تذاكروا الØديث، Ùإن الØديث يهيÙّج الØديث)[24] والمسألة تهيÙّج المسألة، والÙائدة تهيÙّج الÙائدة .. اØتشد بجمع المشكلات لتنثرها ÙÙŠ مجالس المذاكرة، بل اطرØÙ’ ما تظنÙّه صوابًا لتدرك إشكاله، (Ùإنَّ معرÙØ©ÙŽ الإشكال علمٌ ÙÙŠ Ù†Ùسه ÙˆÙتØÙŒ من الله تعالى)[25].
طالبةَ العلم .. خذيها من أم الدرداء .. أتاها عون بن عبدالله بن عتبة ÙÙŠ Ù†Ùر٠من أصØابه وأخذوا يذاكرونها العلم، ثم قال لها عونٌ: أمللناك٠يا أمَّ الدرداء .. Ùقالت لهم: (ما أمللتموني .. لقد طلبت العبادة ÙÙŠ كل شيء، Ùما وجدت شيئًا أشÙÙ‰ لنÙسي من مذاكرة العلم)[26].
طالبَ العلم .. Ø£ÙسÙØ Ù„Ù…Ø°Ø§ÙƒØ±ØªÙƒ
—————————————————-
[1] انظر: مجموع الÙتاوى لابن تيمية (20: 583).
[2] تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1: 361).
[3] سير أعلام النبلاء للذهبي (13: 314).
[4] من الكÙيَاسة، وهي العقل٠والتوقÙّد.
[5] سير أعلام النبلاء (13: 67-68).
[6] تاريخ دمشق لابن عساكر (17: 462).
[7] تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (2: 566).
[8] تاريخ بغداد (2: 567).
[9] طبقات الÙقهاء للشيرازي (61).
[10] أزهار الرياض ÙÙŠ أخبار القاضي عياض (2: 8).
[11] إنباه الرواة للقÙطي (3: 323-324).
[12] سير أعلام النبلاء (5: 337).
[13] جامع بيان العلم ÙˆÙضله لابن عبدالبر (1: 201).
[14] طبقات الشاÙعية الكبرى لتاج الدين السبكي (8: 392).
[15] الضوء اللامع للسخاوي (4: 126).
[16] رسائل الراÙعي (226).
[17] رسائل الراÙعي (276) هامش (1).
[18] ترتيب المدارك للقاضي عياض (4: 309).
[19] ترتيب المدارك (6: 11-12).
[20] سير أعلام النبلاء (13: 70).
[21] انظر: روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام لابن الأزرق الغرناطي (2: 747).
[22] روضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإسلام (2: 915).
[23] تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1: 357).
[24] تاريخ أبي زرعة الدمشقي (2: 539). وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه: (تذاكروا الØديث Ùإنه ÙŠÙهيÙّج بعضه بعضًا) جامع بيان العلم ÙˆÙضله (1: 202).
[25] الÙروق للقراÙÙŠ (1: 285).
[26] جامع بيان العلم ÙˆÙضله (1: 204).